أكتبُ الشّعر كلّ يوم
لأصير شاعرًا
أكثر شيء أحبّه هو الرَّياحْ
لذلك تطير أوراق حياتي
وأتبعها ضاحكًا
في الشَّوارعِ الخاوية
والمدنِ ذاتِ اللّغات الغريبةْ
أطلّ على إسفلت الشّارع
بعيون قطّ
من نافذة الْبَّنْسْيُونْ الصّغير
المسحور
الّذي اسمه ليس اسم أحد المشاهير
وليس بين طوابقه أَسَنْسِيرْ
والخادمةُ الّتي تطوي الملاءاتِ عجوزٌ
حَكَتْ لي عن ابنها الّذي هاجر بعيدًا
بسبب الحبّ
ولم يرجع في أيّ عيد
حتّى حين وقفَتْ أمام الباب
طيلة اللّيالي المرعدة
في يديها لمبة
وكان ذلك أشدّ فتكًا على قلبها
حتّى من أيَّام عصيبة
قضتها وحيدة
وأنا حكيت لها أنّ كلبتي ماتت
وأنّها كانت تقعي كلّ مساء هكذا هكذا
قرب قدمي
كماسحة الأحذية العذراء
وأنا كنت أقرأ لها طَاغُورْ
وأكتبُ الشّعر كلّ مساء
بالأوشام فوق جلدي
لأصير شاعرًا
والخادمة تخيّلت ذلك بقلب الأمّ الثّكلى
وبكت
فناديتُها: يَا أُمّي
وكان المطر قد لمع بوضوح على الإسفلت القديم
وفوق خرسانة السّقوف الحزينة
في ضوء المصابيح الشّحيحة
وأنا أحببت ذلك
وأحببت الرّيح
وستارة النّافذة تحرّكت في روح المكان المسحور
برائحة أثاث الهجران البارد
وأزيز مدفأة الغاز
ونحيب الأشباح
وحين نمتُ تلحَّفتُ بمعطفي
وغطّيت عيوني بقبّعة فارس مهزوم
تاركًا الملاءات مطويّة
وكلّ صباح كانت تنتظرني المحطَّاتُ بَعِيدَةً
والسّكك ممتدّة في الضّباب دون كلام
بغرباء كُثُرٍ في كلّ مكان
يقتسمون معك الحديث بالتّساوي
كإبر الأنسولين
في العربات الأخيرة
والمناديل الورقيّة
والمرطّبات
بسخاء كبير
بأقلّ ما يمكن من التّنهّدات
والرّيح كلّ مرّة كانت تنتظرني في التِّرْمِينُوسَاتْ
لتعانقني
كأنّها حبيبتي
وعلى عيونها دموع الغمام
وكانت بعناقها الحارّ لي
كلّ مرّة
تشتّت أوراق حياتي
في الشّوارع
والْبَّنْسْيُونْ
كان دائمًا يكون بعيدًا
ومغلقًا في تلك السّاعة من الفجر
فلا يفتحون لي
إلاّ بعد طَرْقٍ متواصل
على الباب الكتيم
بقبضة خائرة
لكن
كانت دائمًا حقيبتي
تصلح وسادة
ومعطفي يصلح غطاءً
وقبّعتي تصلح بلاداً
وأهلاً
وحبيبةْ
لأصير شاعرًا
أكثر شيء أحبّه هو الرَّياحْ
لذلك تطير أوراق حياتي
وأتبعها ضاحكًا
في الشَّوارعِ الخاوية
والمدنِ ذاتِ اللّغات الغريبةْ
أطلّ على إسفلت الشّارع
بعيون قطّ
من نافذة الْبَّنْسْيُونْ الصّغير
المسحور
الّذي اسمه ليس اسم أحد المشاهير
وليس بين طوابقه أَسَنْسِيرْ
والخادمةُ الّتي تطوي الملاءاتِ عجوزٌ
حَكَتْ لي عن ابنها الّذي هاجر بعيدًا
بسبب الحبّ
ولم يرجع في أيّ عيد
حتّى حين وقفَتْ أمام الباب
طيلة اللّيالي المرعدة
في يديها لمبة
وكان ذلك أشدّ فتكًا على قلبها
حتّى من أيَّام عصيبة
قضتها وحيدة
وأنا حكيت لها أنّ كلبتي ماتت
وأنّها كانت تقعي كلّ مساء هكذا هكذا
قرب قدمي
كماسحة الأحذية العذراء
وأنا كنت أقرأ لها طَاغُورْ
وأكتبُ الشّعر كلّ مساء
بالأوشام فوق جلدي
لأصير شاعرًا
والخادمة تخيّلت ذلك بقلب الأمّ الثّكلى
وبكت
فناديتُها: يَا أُمّي
وكان المطر قد لمع بوضوح على الإسفلت القديم
وفوق خرسانة السّقوف الحزينة
في ضوء المصابيح الشّحيحة
وأنا أحببت ذلك
وأحببت الرّيح
وستارة النّافذة تحرّكت في روح المكان المسحور
برائحة أثاث الهجران البارد
وأزيز مدفأة الغاز
ونحيب الأشباح
وحين نمتُ تلحَّفتُ بمعطفي
وغطّيت عيوني بقبّعة فارس مهزوم
تاركًا الملاءات مطويّة
وكلّ صباح كانت تنتظرني المحطَّاتُ بَعِيدَةً
والسّكك ممتدّة في الضّباب دون كلام
بغرباء كُثُرٍ في كلّ مكان
يقتسمون معك الحديث بالتّساوي
كإبر الأنسولين
في العربات الأخيرة
والمناديل الورقيّة
والمرطّبات
بسخاء كبير
بأقلّ ما يمكن من التّنهّدات
والرّيح كلّ مرّة كانت تنتظرني في التِّرْمِينُوسَاتْ
لتعانقني
كأنّها حبيبتي
وعلى عيونها دموع الغمام
وكانت بعناقها الحارّ لي
كلّ مرّة
تشتّت أوراق حياتي
في الشّوارع
والْبَّنْسْيُونْ
كان دائمًا يكون بعيدًا
ومغلقًا في تلك السّاعة من الفجر
فلا يفتحون لي
إلاّ بعد طَرْقٍ متواصل
على الباب الكتيم
بقبضة خائرة
لكن
كانت دائمًا حقيبتي
تصلح وسادة
ومعطفي يصلح غطاءً
وقبّعتي تصلح بلاداً
وأهلاً
وحبيبةْ