خَرِيف
يُمَدِّدُ رِجْلَيهِ فَوقَ الرِّمالِ
فَتَهْوِي عَلَيْها الرِّياحْ
تُدَلِّكُها ..
تَجْتَنِي الْبِرَّ مِنْ تَعَبٍ كالجليد
تَجَمَّدَ فِيهِ الكِفاحْ .
وَيُلْقِي عَلَى صَدْرِنا
ما تَضُمُّ حَقائِبُهُ الصُّفْرُ
مِنْ زَفَراتِ الرُّطُوبَةِ ..
يَسْكُنُنَا شاحِباً في مَساءِ القَصائِدِ
مُمْتَلِئاً بِاخْتِلاجِ الصَّباحْ .
يَجُرُّ بِأَهْدابِهِ البِيضِ أَحْلامَنا ..
ثُمَّ يَغْرَقُ فِينَا
خَرِيفاً بَطِيئاً
بِلا رَغْبَةٍ في عِناقِ مَدَافِئَ مَفْتونَةٍ بِيَدِيهِ ..
وَلَا أَتْقِياءَ يُثِيرونَ فِيهِ اعْتِناقَ الجِراحْ .
كَأَنَّ قِطَاراتِهِ البائِساتِ ضِياعٌ
مِنَ الصَّدَأِ الأَثَرِيِّ
عَلَى سِكَّةِ الصَّدْرِ وَالخَاطِرَة .
هُنا .. في قِطارٍ عَتِيقٍ
( لِبَغْدادَ ) تَذْكَرَةٌ فِيهِ تَحْتَ الموسيقا
إلى ( قَدَمِ ) الياسَمينِ ..
رَأَيْتُ غُيوماً بِأَثْوابِها الأُمَوِيَّةِ
تَحْلُمُ أَنَّ سَريراً
سَيَحْضِنُها بَعْدَ رَقْصِ الغُبارِ
وَحَرْبِ المَطَرْ .
تُوَفِّرُ مِنْ عُمْرِها دَمْعَةً
رَيْثَما يَنْهَضُ الوَقْتُ
مِنْ سَجْدَةِ الخَوْفِ
في قَطْرَةٍ
ذابَ فِيها المَدَى المُسْتَباحْ .