الرئيسية » » ترنيمة مكان | محمد عزت فرج

ترنيمة مكان | محمد عزت فرج

Written By Unknown on الجمعة، 24 أبريل 2015 | 12:47 م



ترنيمة مكان 


محمد عزت فرج



ترنيمة مكان 
*****************************
أخذ ينظر الى منازل القرية التي بدأت تلوح في الأفق ....
لقد تبدلت المنازل كثيرا وأصبحت القرية الى حد كبير تشبه المدينة في مبانيها العالية ....
****************************
نزل من سيارة الأجرة التي تقله ليجد هواءالقرية ملبدا بالأتربة ....
لم تعد القرية أبدا كما كانت في الأيام الخوالي ....
ألاف من عربات "التوك توك" وألاف الباعة الجائلين بنتشرون في القرية .....
اوقف توك توك وركبه ودعي الله أن يتذكر مكان منزل جده حيث كانت أيام الصبى ....
*****************************
اعتصر ذاكرته كثيرا حتى تمكن من الوصول الي منزل جده القديم .....
أعواما كثيرة انقضت ولم يزور هذا المنزل بعد وفاة جده وجدته ونزوح أفراد العائلة الى أماكن متفرقه من المعمورة .....
أخرج المفتاح من جيبه واتجه الي بوابة المنزل الكبيرة .....
ومن داخله |إستيقظ شعورا غريب بالشوق الى تلك الأيام حيث كان البيت ممتلئا بصخب الحياة .....
وضع المفتاح في ثقب الباب ممنيا النفس أن يعمل ويدور بعد كل هذه السنين ....
ودار المفتاح وفتح هو الباب ودخل وصرير الباب يملأ أذنيه معلنا عن عدد السنين التي ظل هذا الباب فيها مغلقا ....
*******************************
نظر الي الردهة الواسعة وبدأت في عقله خيالات ....
كان صغيرا ...
يملأ هذه الردهة هو و أقاربه لهوا ولعبا ....
حتي يقوم الجد ينهرهم ولكن هيهات أن ينتهوا فهذا الجد رغم صرامته كان أول خط دفاع لحمايتهم .....
كان جده بالنسبة له مصدر أمان وحنان وهذا البيت الكبير كالقصر هو المكان الذي يتطلع كل صيف الي الحضور اليه لرؤية أقاربه ولتجتمع العائلة حيث جلسات السمر .....
****************************
دلف الي المطبخ وتذكر جدته حيث كانت تظل معظم الوقت داخله لتحضر لهم اشهى الأطعمة ....
وأخذ يسترجع الذكريات .....
حواره مع هذه المرأة الطيبة التي ولدت وماتت على فطرتها ....
لم تقل يوما ما "أنا" ولكن دائما كانت تقول "أنتم" .....
هو : بتعملي ايه يانينة ....
جدته : بحضرلكم الأكل يا حبيبي ....
هو : طب ماتيجي تقعدي معانا بره شويه ......
جدته : ما أقدرش أحسن الأستاذ -جده- يجي مايلاقيش الأكل جاهز ....
هو : طيب اسيبك أنا بقى مع الأكل ...
جدته : استني ما تاخد الأكل ده للفراخ ....
وقتها ينظر اليها بسعادة ....
فهو ينتظر هذه اللحظة دائما ...
لحظة أن يصعد الى سطح المنزل حيث تقوم جدته بتربية الطيور ....
يكون سعيدا جدا بتقديم الطعام لها .....
أفاق من ذكرياته ليجد هذا المطبخ الآن فارغا من جدته وتعلوه الأتربة .....
كان يشعر في الأيام الخوالي بأن المطبخ يتنفس من روح جدته ....
أما اليوم فقد توقف المطبخ عن التنفس كما توقفت جدته عن الحياة ....
خرج من المطبخ حزينا ...
واتجه الى مكان آخر ....
******************************
دلف الى حجرة جده ....
هذه الحجرة التي لم تكن بالكبيرة وإنما هي اميل الي الضيق ....
وتذكر جده بالبجامة الكستور والنظارة السميكة وصوته الوقور الحنون ....
هاهو جهاز التلفاز العتيق مكانه على الطاولة .....
وهاهي الألعاب التي كان جده يحتفظ بها ويعتز بها ويمنع اي كائن من الاقتراب منها ....
وهنا تذكر ما دار بينهما حينما أخذ لعبة منها يوما ما ليلعب ....
الجد : انت بتعمل ايه باللعبة .....
هو "برهبة" : أنا بشوفها بس ياجدو 
أقطب الجد حاجبيه الكثين ....
الجد : طيب لو سمحت حطها مكانها ....
لم يجادل لحظتها ....
فلا أحد يستطيع ان يجادل جده أبدا ...
وبرغم خوفه الشديد من جده لحظتها لم يملك الا تنفيذ الأمر ولكن ليس الخوف وحده هو الدافع وانما هو الحب والاحترام ...
استعاد وعيه مرة أخرى ....
هاهي الغرفة يعلوها الغبار ....
حزينة ...
حتى الألعاب تبدوا حزينة لفراق صاحبها ....
نزلت من عينيه دمعة غلبته .....
*********************************
قرر أنا يغادر المنزل سريعا ....
وعيونه مغرورقة بالدموع على أيام زمان .....
لقد أثار هذا المنزل العتيق في نفسه ترنيمة ....
ترنيمة مكان فقد البهجة واتشح بالحزن ....
في اعماقه إعترف أن المكان دائما بأصحابه .....
الجد والجدة ....
لقد مات المكان بوفاتهم .....
أصبح اطلالا ....
يسمع الآن فيها بعض الترانيم ....
ويري بعض الخيالات عن أيام زمان .....
نعم هي ترانيم حزينة .....
بعضها يدعوا للذكرى .....
وأغلبها يدعو الى الشجن والحزن ....
ترنيمة من ضمن هذه الترنيمات أخذت تعلو .....
إنها .....
ترنيمة مكان .....
************* بيت الحبايب **********
بيوحشني والله بيت الحبايب .....
فيه جدو ونينة أغلى الحبايب ......
في عمر زمان عشته ...
بشتاق ليه وأنا شعري شايب .....
بيوحشني والله بيت الحبايب .......
كل ركن فيه بيفكرني بحبايب .....
ألقى قلبي ينده ...
وحشوني الحبايب ......
طيبة ولعب وحب ....
في وسط القرايب .....
والله بيوحشني بيت الحبايب .....
حتى حيطانه بتكلمني .....
بتفكرني....
وتهمسلي ......
وترجعني أحن لأعز الحبايب ....
والله بيوحشني بيت الحبايب ......


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.