أوراق خريفية ذابلة :
محمد صاالح
1
بلا حفيف يسقطُ طفلاً من الجوعِ ، في مُخيم
وغداً يتبعهُ شقيقاً خرِساً من البردِ
وفوقَ التراب
يخشى أن يسقط ببركة السباحة المُترفة
فلا يحملهُ الماء
بسببِ كرشهِ
فلا يسقط ...
يتمسكُ بجذعِ الإتلافِ !!!
*
2
يسقطُ الحجابُ عن وجهِ أمتي
ليتهم أبقوه يُلثِّمُ
الوجه الدميم
**
3
تثقبُ وجه السماء
صرخةُ طفلٍ سوري
وغروب أماسي الخريف النُحاسية
تثقبُ الضمائر الميتة
برصاصِ الحقيقة
/ما لجرحٍ بميتٍ ، إيلامُ /
***
4
قرية صغيرة هُناااااك
تنامُ في بلدي
هانئة
بلا ضجيج ...
كُلَهُمْ جمعوهم في بئرِ رسم النفل
فاتفقوا على النوم بهدوء
قريتي أسمها :
رسم النفل
وحدها الجنادبُ تؤنس بسقسقتِها ، صمت البيوتِ
والأبآر المفتوحة على الله
****
5
آآآآه كم أنا صغير
أمام عينيكِ الدامعتين
لا مظلة أحملها
وسط هذهِ المُزَنُ من الشتاءِ الأبدي
من يحملَ لي الكفنُ
وأنا أغرقُ
في بُحيرةِ الدمعِ
أو أنتظر تحنيطي وسط بللوراتِ الملحِ
سأنتظرُ لهيبَ قلبكِ ليُجفِّفَ
الغدير
وهذا اللهيبُ !!!!!!!؟
*****
6
الان في بلادي :
موسم قِطافُ الزيتونِ ، والتمرِ
والقطنِ
في جوبر أحرقوا بساتين الله الأولى من الزيتون
وفي الدير اجتثّوا النخلات
والقطنُ لم يُصدِّروه
لا يكفي للأكفانِ
من يقطفُ الأرواحِ صارت تنضجُ في كل المواسمِ
ولا صناديق في حضن الارضِ
تكفي لجنيِ الثمارِ
******
7
سأسقطُ
سقطتُ في خريفي
ورقة صفراء على أحجار الدروبِ الغريبة
أيُ نسيمٍ بعثرني، عن الشجرة المخضوضِرةْ !!؟
ألم يكُن لي مكانٌ هناك
فوق تراب قريتي !؟؟
ربما بفارقِ المواسمِ
أكسبُ قلبُ أنثى
فتُزيّنُ بإصفراري ، غدائرِها الفاحمة
*******
8
في خريفي الغريب هنا
أسقطُ ..
أترنحُ...
أتمايلُ ، وغمدي يمنحني بعضُ التوازن
لوقتٍ يُشبهُ تحدّي آصفُ بن برخيا
فأنفخُ على الورقة التي سبقتني ، لا أسقطُ فوقها
أريدُ وجه التُرابِ
يستقبلني ...
********
9
أكليلُ الزهور على قبر الشهيد
لا تزوره الفراشات الملونة
رأيتُ أطياف الملائكة
تهيمُ
وتبكي
وتُهنئُ
وتغبِطُ
*********
10
حين هبَّ ريحُ الغدرِ ، والخيانة
تمايلت زهرةُ الثورة العذراء
مُتثاقلة برأسِها ، مالت بتويجاتِها
فانسكبُ الدمُ البكرُ
من زخّةِ غيثها النقيَ الأوّل
**********
11
في رواق البلاد الطويل
بدأت ترتفعُ أصوات
كانت صامتة من سنين
سيكتمل الربيع
وبراعمُ قديمة تحملُ أزهار حلمٍ
لِحاء البراعمِ يخضرُّ من جديد
حلمٌ يحمعنا ، نحيا بهِ
*****
12
لا أحد يُسافر بلا تذكرة
لا يصعدُ .....
سوى هؤلاء العابرين فجأة بلا حجزٍ مُسبق
يرتقون كتفَ النسمة
في كل الفصول
والمواسمِ
يسافرون مجاناً
للسمااااااء
******
13
وهنُ الخريف
واللبنُ ضاع من شهورِ الصيفِ المُنصرمِ
لم أستطع كبحَ جِماحِ الرغبة
لم أستطع لجمِ الدمعة
غصني الذاوي من خمسين سنة
أجرَدْ
يجثمُ عليهِ
غُرابٌ وحيد
هذا الخريف ....
رأيتُ غرباناً تُغطي وجه الله
تجثمُ على غصني الذاوي
من خمسين سنة
والغصنُ
أجرد ......!