الرئيسية » » ويمضى قطارٌ | محمد دياب

ويمضى قطارٌ | محمد دياب

Written By Unknown on الأربعاء، 10 يونيو 2015 | 9:42 ص


.
ويمضى قطارٌ
ويأتى قطارٌ ويمشى قطار
وأبقى وحيدًا بهذا الرصيفِ أكلمُ نفسى
على أملٍ أنْ تجئَ الفتاةُ
وأنظرَ فى ساعتى كلَّ حينٍ
أناسٌ تروحُ وعينى عليهم
تطالعهم واحدًا واحدًا
أناسٌ تجئُ وعينى كمثل "الردارِ"عليهم
تطالعهم واحدًا واحدًا
وعينى على كلِّ بابٍ
تراقبُ منْ ينزلونَ ومنْ يركبون
ومنْ يسرعونَ هنا بالمحطةِ
- فى لهفةٍ واشتياقٍ -
ومنْ يدخلونَ ومنْ يخرجون
أفكرُ فيها وأسألُ قلبى:
لماذا تأخَّرَتِ اليومَ قلْ لى؟
ولا صوتَ يأتى
وغابَ نهارٌ وراءَ نهارٍ وراءَ نهار
.
يمرُّ قطارٌ وراءَ قطارٍ وراءَ قطار
ولمْ تأتِ دومًا بهذا الرصيفِ
كما كانتِ البنتُ تأتى
وغابتْ كثيرًا ولكنها لمْ تغبْ عنْ عيونى
وقدْ مرَّ يومٌ ويومانِ
عامُ يمرُّ وعامٌ يجئُ
وسارَ القطارُ وراءَ القطارِ وراءَ القطار
.
ووحدى بهذا الرصيفِ الحزينِ لأجلى
أراقبُ بابَ القطارِ
أراقبُ كلَّ النوافذِ شوقًا لعلى أراها
ويأتى مساءٌ
ويمضى مساءٌ وراءَ مساءٍ وراءَ مساء
وأسألُ نفسى:
لماذا تغيبُ اليمامةُ يا قلبُ قلْ لى؟
ترى أينَ راحتْ؟
وليسَ معى هاتفٌ للحبيبةِ
ليسَ معى أىُّ شىءٍ يدلُّ عليها
سوى أننى قدْ عشقتُ بصمتٍ
ولمْ نتكلمْ يومًا سوى بالعيونِ
وطفنا بعيدًا بعيدًا بعيدًا
نسيتُ أعودُ إلى الأرضِ يومًا
وأنزلُ منْ عالمى
وأفتحُ بابًا لأىِّ كلامٍ قليلٍ
وأفتحُ نافذةً للحوار
.
وجاءَ القطارُ
وراءَ القطارِ وراءَ القطار
وراحَ اليمامُ بعيدًا أمامى
أمامى بعيدًا
وبينَ يدىَّ ولكنْ بعيدًا
وحطَّ على غصنِ عشٍ بديلٍ وطار
.
صباح المرارِ مساء المرار
يروحُ شتاءٌ وراءَ شتاءٍ وراءَ شتاء
وصيفى جليدٌ ونارٌ ولا شىءَ فيهِ سكونٌ وصمت
ربيعى جليدٌ ونارٌ ولاشىءَ فيهِ جنونٌ وموت
خريفى جليدٌ ونارٌ ولاشىءَ فيهِ دمارٌ وكبت
سريرى جليدٌ ونارٌ ولاشىءَ فيهِ وعقلى يشت
وليلى جليدٌ ونارٌ ولاشىءَ فيهِ كأنى دُفنت
وقفتُ أطالعُ وجهى وجدتُ بأنى كبرتُ وشبت
ولا قمرٌ يحتوينى ولا قمرٌ أحتويهِ
ولا أحدٌ يصطفينى ولا أحدٌ أصطفيهِ
ولا نجمةٌ تصطفينى ولا نجمةٌ أصطفيها
وغابَ النهارُ وراءَ النهارِ وراءَ النهار
.
وهذا الفضاءُ كقبضةِ كفٍّ
وحيدٌ هنا وكئيبٌ
وعجّزتُ قبلَ الآوانِ
نسيتُ الحياةَ وأهملتُ نفسى
ولا بابَ فى منزلى
ولا أىُّ نافذةٍ كى أرى
ولا غرفةٌ تحتوينى
مع كلِّ هذا أحسُّ بضيقٍ شديدٍ
وغرفةُ بيتى
تضيقُ تضيقُ تضيق
ولا سقفَ فوقى ولا أرضَ تحتى
ولا شمسَ فى داخلى
ولا نورَ فى خارجى
ولا نجمةٌ فى سمائى
على أمِّ رأسى سوادٌ غريبٌ
وألفُ جدارٍ وراءَ جدارٍ وراءَ جدار
.
ووحدى هنا
ذرةٌ منْ غبارٍ
تطيرُ وراءَ غبارٍ
وراءَ غبارٍ
وراءَ غبار



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.