الرئيسية » » يا دِمشقُ | محمد صالح عويد

يا دِمشقُ | محمد صالح عويد

Written By Unknown on الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014 | 4:13 ص



يا دِمشقُ 
محمد صالح عويد


أخطأً كان بكِ المُلتقى ذات مولدٍ يا دمشقُ 
ما هذا أوانُ التقريعِ والندمِ
أكان الميلادُ في صحنِ البلادِ 
وفي زمانِ الغولِ ، ثم نهوضكِ كالعنقاءِ ، فالثورةُ خلّي الوفي 
أكان وطءُ أقدامي فوق تبركِ ذات طفولةِ 
خطأً !!؟
وريحُ الزمان تعبثُ بي 
ذات هروبٍ ، ذات اقتراب ، وابتعادِ 
زعموا في كتب الطفولةِ 
بأنكِ العرضُ 
والأرضُ 
وحبيبة المُهجِ 
وخناجرُ الغدر نبتتْ في أزقتكِ ، بيدِ أعدائكِ 
تُباري أعراسنا 
تحولها لجنائزٍ شتّى 
ودماءُ بكاراتِ رجولاتِنا تسيلُ في الأزقةِ 
يتبعها لطمُ البهائمِ ، وزغاريدُ حفيدات يزدجردِ 
والغولُ خارج النصِّ 
مربوطُ الرسنِ كعادتهِ 
لا أمرَ لهُ ، والمرجعُ بأصفهان ، وتلَّ أبيبٍ 
دُقّت لهُ أوتاد 
كلكُم راعٍ ، ومسؤولٍ عن مقابرهِ 
عن الإرهابِ ، عن الطائفةِ الصفراء 
وتقطيعِ الأطفالِ ، تمزيق البلادِ

*
في كلِّ ليلةٍ، قمراءَ أو ظلماءَ 
في كل صباحٍ 
على كلِّ نهرٍ غير الفُراتِ
يولد من بنيكِ شاعرٌ ، شاعرةٌ حمقاء 
يغازلون شهدَ الثغورِ 
وتكويرةَ الكواعبِ 
وتقصُّف الأردافِ المُثقلةِ 
والعيونَ
وأعناقَ الغيدِ ، وتمايلَ الغانية الهيفاء

*
في المنافي ، في الخيامِ تتهافتُ الريحُ 
لتفضحَ عوراتنا 
وتميطُ اللثامِ عن صفقاتنا 
عن مغانمِ البيعِ البَخسِ 
ونعومة الشراءِ 
ومُقايضة الخمرةِ الرخيصةِ بالدماءِ 
وفي الديارِ تصولُ الجرذانُ ، تمتطي خيولَ الحديدِ
والعنابرُ تحت إمرةِ اللصوصِ المُلتحين ، مِنّا 
تفوح بروائحِ الخنا 
وباسمِ اللهِ :
يبدأون فتوحهم بذبحِ ثورتنا 
والبحث عن تقاسمِ الولاية مع الجلادِ

*
هذا زمانُ القبيلة 
والطائفةِ الحقيرة 
وزمانُ الزنزانة الإنفرادية 
والكلاب تهشُّ على أبوابِها خوفاً من مرور عصفورٍ ، أو ذبابة
تؤنسُ السجين 
أو تكون لقمةً صغيرة ..
وأنا الملعونُ في كلِّ حينٍ 
ساذجاً 
يحاول صنعَ قُنبلةٍ 
أو يُذخِّرُ بندقيةِ محاربٍ للطغيانِ 
من كلماتي 
من حروفِ أبجديتي الوثيرة 
كي تستريح روحي العزلاء 
وأمسحُ عنها غُبار العارِ 
ربما هذهِ كلماتي ....
ليلتي الأخيرة ....

*
يا شآمُ :
كلما ابتسمُ فجرٌ بوجهِ الملأِ 
أهربُ من عينيكِ 
أتّقيها 
أصفعُ نظراتي الخائبةُ 
يرتدُّ بصري إليَّ حسيراً ، خاسئاً بحسراتي 
في النوى

*
عيناكِ أسرابُ يمامٍ في صحنِ الروحِ 
تلتقِطُ بذارَ العشقِ 
تشربُ من قلبي قطراتُ المُدامِ 
تهدِلُ نشوانةً
ويلهجُ بوجدي بكِ قلبي 
يا أيقونةَ اللهِ
والسماواتِ 
والملأِ الأعمى
كلَّ يومٍ جديدْ
تصيرُ التماعةُ عينيكِ أبهى
ونضارة خدَّي غوطتيكِ ، أزهى
والرِّضابُ على شفتيكِ من بردى 
أعزَّ وأشهى
كلَّ يومٍ أقولُ
سأبصرُ فيها بقايا روحي تتضاءلُ 
بعيداً عنكِ ، تظمأُ ، وتشقى 
تلتفتين صوبَ قِفارِ عويلي 
لفتةً لا أعيها ، فتُفرِعُ
أموتُ نأياً عن الحِمى 
وأعودُ بذكراكِ ، ينتفِضُ نبضي 
فأجفِلُ و أحيا 
تأتين في الغيمةِ تُبارِحُ خريفَ عُمري 
حين يأفلُ الزمانُ ، يخبو ....
يرتعِشُ 
تأتين في مواعيدِ المُشتهى 
يحبو الربيعُ في اصفراراتِ عمري 
يخضوضرُ القلبُ ، والجسدُ 
بشبابٍ مُثقلٍ بمواسمٍ دانيةٍ 
تصيرُ شراييني ضفافَ مروركِ 
والقلبُ لكِ ، مُتكئً 
وأهيءُ حناياي في كل أركانِها 
فراشاُ وثيراً لعبورِ وطءِ قدميكِ 
وفي لحظةٍ غائبةٍ عن عين الرقيبِ:
تتثنينَ مثل غمامةٍ رقيقة 
وبعذوبةِ قطرةِ ندى 
تقررين الجلوس بين وردتي رئتيَّ 
أستكينُ ...
يهدأُ روعي 
تهنأُ روحي 
حينها يصيرُ صدري أصيصُ شتلةِ ياسمينٍ 
تنتشرُ الجذورُ في تربةِ خلايايَ 
ومن خمرِ دمائي تتلذذُ بارتشافِ نسغها 
ولا أتّقيكِ
ما كان خطأً ، المُلتقى بكِ
ذات انتماء
يا دمشقُ




التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.